روائع مختارة | بنك الاستشارات | استشارات تربوية واجتماعية | أتعلم في بيئة.. يملؤها الإحباط

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > بنك الاستشارات > استشارات تربوية واجتماعية > أتعلم في بيئة.. يملؤها الإحباط


  أتعلم في بيئة.. يملؤها الإحباط
     عدد مرات المشاهدة: 1915        عدد مرات الإرسال: 0

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أنا فتاة أعمل معيدة في إحدى جامعات بلدي.

فقد تم اختياري أنا وبعض من زميلاتي للعمل كمعيدات في كليات مختلفة في الجامعة بعد أن حصلنا على المراكز الأولى في دفعاتنا والحمد لله

وقد بدأت بإكمال دراسة الماجستير في جامعتي قبل أن تمر سنة من تعييني, لأن أهلي لم يوافقوا على إكمال الدراسة في الخارج، أما بقية زميلاتي فلا زلن يبحثن عن قبول في الجامعات الأجنبية.

المشكلة هي أن دراسة الماجستير في الجامعة ليست قوية جداً على الرغم من أنني أدرس تخصصا علميا باللغة الإنجليزية.

فكل الطالبات والطلبة الذين يدرسون معي هم إداريون بالأصل:  يعني هدفهم هو الحصول على شهادة ليرتقوا في وظائفهم, ولكنني أنا الوحيدة الأكاديمية التي أكمل دراستي في الجامعة.

المشكلة تكمن أن المحاضرين في الجامعة يحبطون الطلاب، فنحن نعيش في بيئة محبطة مهلكة قاتلة للتفكير والإبداع، فدائماً يشعروننا بأن مستوانا متدنٍ جداً، ويقارنوننا بجامعاتهم وطلابهم في الدول الأجنبية.

أنا مقتنعة بهذا المستوى المتدني الذي لا يقارن بين طلابهم وطلابنا، فقد درسنا نحن الأساسيات ولم نتبحر كثيراً في الدراسة الجامعية، فهذا شيء طبيعي أن يكون مستوانا لا يقارن بمستوى طلابهم في الماجستير، فنحن ثمرة وحصيلة الجامعة، فهذه نتيجة وحصيلة ما تعلمناه منهم هؤلاء المحاضرين في الجامعة.

تخيلوا نحن نسمع عبارات الإحباط والمقارنة يومياً، ولكن الغريب في الأمر أن الطالبات والطلاب الذين يدرسون معي لا يكترثون بعبارات الإحباط، عندما تنتهي المحاضرة يذهبون إلى أعمالهم سواء أكانت في الجامعة أم خارجها وكأن شيئاً لم يحدث

أما أنا فسأبقى طوال الوقت محبطة ومتضايقة منهم، أشعر أن كل عبارة محبطة تدخل كالسهم المسموم في داخلي، يمكن لأن وضعي يختلف عن باقي الطلبة.

فالمحاضرون هم أساتذتي وفي نفس الوقت هم زملائي في العمل، فمكتبي قرب مكاتبهم وأنا أحضر الاجتماعات معهم لأني أكاديمية

والمشكلة أنهم يتكلمون عنا نحن طلاب الماجستير أمام بقية المحاضرين وفي الاجتماعات، وينقلون ما يحدث في الصفوف الدراسية لبقية زملائهم مما يزيدني إحباطاً، وبعض المحاضرين يقولون لا نلمهم فهم ضحية لهذه الخطط الدراسية التي وضعتها الجامعة

ومنهم من يقول ما هذه الدراسة؟ فالماجستير لا يدرس بهذه الطريقة، وأنا أسمع وأسمع، فلو كنت صخرة لأصبحت فتاتاً! فهذا أثر على نفسيتي كثيراً حتى أنني أصبحت أكره أن أصحو الصباح لأذهب إلى الجامعة، لأني ذاهبة إلى مكان يملؤه الإحباط والمقارنات، مما جعلني أشعر أنني أقل عن البقية

أشعر أنني صغيرة جداً أمام الأساتذة، وأقل عن باقي الموظفات، فعندما أقارن نفسي بالإداريات والسكرتيرات في الكلية أرى أنني أقل منهم على الرغم من أن وظيفتي وراتبي أعلى منهن.

دائماً تأتيني أفكار أن أهلي ظلموني عندنا منعوني من السفر، فأنا أريد أن أخرج من هذه البيئة المحبطة لأتعلم العلم الحقيقي، وأتعلم في بيئة يملؤها التفاؤل والتحفيز، وأتعلم الماجستير بمواده الصعبة وبحوثه، وليس ما ندرسه من لعب وتمضية وقت.

فعلاً أنا أشعر بالغيرة عندما أجد زميلاتي يبحثن عن القبول في الجامعات الأجنبية، وأقول داخل نفسي كم هن محظوظات فسيحصلن على شهادات عالية ويتقن اللغة الإنجليزية، وسيكون لهن شأن كبير، فللأسف جامعتنا تحترم موظفيها وأساتذتها على حسب شهاداتهم ومن أين حصلوا عليها! 

أنا لا أنكر أن جامعتي تبعد عن بيتنا فقط نصف ساعة أقطعها بالسيارة، وأحصل على راتب عال والحمد لله، وأعيش مع أهلي عيشة هنيئة، فأنا أعيش في نعمة والحمد لله، ولكن عندما أقارن هذه النعم بدراسة الماجستير في الخارج، وكيف سيكون لي شأن إذا حصلت عليها من الخارج، فسترجح الكفة الثانية.

الجامعة أعطتني فرصة ثانية، وهي بإمكاني أن أقطع دراسة الماجستير وأكملها في أي دولة أختارها بنفسي، ولكن أهلي لم يرضوا وأصروا على إكمالها في الجامعة، فهم يقولون ليس المهم الآن الماجستير؛ فهي فقط خطوة للوصول إلى الدكتوراه، أما الدكتوراه فستكملينها في أي دولة تريدينها عندما يكون لديك أسرة مستقلة.

ما هو توجيهكم لي؟ هل فعلاً أن إكمال الدراسة في الجامعة هو الخيار الأفضل لي؟ وكيف أستطيع أن لا أكترث وألا أتأثر بالبيئة المحبِطة القاتلة التي نعيشها في الجامعة؟

وهل أستطيع فعلاً إذا ثابرت لوحدي وبالتعلم الذاتي أن يصل مستواي مثل صديقاتي اللاتي سوف يدرسن في الخارج؟ أثابكم الله على توجيهاتكم، ووفقكم الله دائماً.

أستاذي الكريم. . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. . وبعد: 

أرجو إرسال الرد على الاستشارة التي أرسلت لي. . فلم أجد ايقونة الرد مفعلا. .

وهذا الرد. . تفضلوا بإرسالها للمستشير: 

والرد كما يلي: 


بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين. . أما بعد: 

أرحب بك اختنا الكريمة وأستاذة المستقبل، أشجع فيك طموحك العالي جدا، وأبارك لك تفوقك في تخصصك، وفي انضمامك للجامعة، وهو الأمر الذي لم تتحصل عليه غيرك من زميلاتك. . كما اشكر فيك حرصك على الوصول لمراتب علمية متميزة.

تأملت كثيرا ما ذكرت، وأعجبني تصورك الواضح تجاه ما تعتقدين انه مشكلة. . فقط تأملي معي ما ذكرته في رسالتك كما يلي: 

قد بدأت بإكمال دراسة الماجستير، أما بقية زميلاتي فلا زلن يبحثن عن قبول في الجامعات الأجنبية. أنا لا أنكر أن جامعتي تبعد عن بيتنا فقط نصف ساعة أقطعها بالسيارة، وأحصل على راتب عال والحمد لله، فأنا أعيش في نعمة والحمد لله.

ألا تعتقدين انك في نعمة تغبطك عليها الكثير من زميلاتك اللاتي لم يقبلن. . هذا من جانب.

ومن جانب آخر. . فإنا اتفق معك في الجانب السلبي لبعض الأساتذة أصلحهم الله في ترديد عبارات المقارنة التي اعتبرها ظالمة بين طلاب جامعاتنا وطلاب الجامعات الأخرى، والتي أعتقد أنها اقرب للشعور والملاحظات غير العلمية منها إلى المقارنات العلمية، فليس هناك مؤشرات علمية تقول بذلك. . قد نؤمن بها من كثرة ترديدها. .

نعم هناك اختلاف في الطرح والتجهيزات، ومع ذلك إلا أن حجر الزاوية للتعلم وصقل مهارات طالبة الدراسات العليا هي الطالبة نفسها والطالب نفسه، من خلال الاعتماد على نفسه في البحث والتقصي والتجريب. . فدور الأستاذ الجامعي مسهل ومستشار للطالب، وموجه للحوار مع زملائه، وقائد للتفكير. . . والدور الأكبر على الطالب والطالبة نفسها.

وبالتالي فإن البيئة التي تقولين محبطة لك دون زميلاتك في الجامعة هي من كثرة ما تقارنين وترسمين من أحلام عن تفوق الجامعات الخارجية وتفوق التعليم بالخارج، وترسبت لديك من خلال اجترار المقارنة السلبية والشعور بالدونية سواء على المستوى الشخصي كما تقولين أو على المستوى التنظيمي في الجامعة كما ذكرت 0

ولا أقول لك هذا لمجرد التخفيف لك، فأنا لا أراها مشكلة، ومسألة اللغة الانجليزية فإن لديك الخيار تعلمها بالداخل أو عند استكمال درجة الدكتوراه بالخارج. أما العلم الحقيقي التخصصي فهو متاح مع تعدد وتنوع مصادر المعرفة، وبالتالي الدور الأكبر يقع على الطالب والطالبة نفسها 0

قارني بين التعلم داخليا وخارجيا من جميع الزوايا، الدينية والاجتماعية والثقافية والذاتية والأسرية والعلمية. . ستجدين أن ما أتيح لك هي نعمة يجب استثمارها. . وستدركين ذلك لاحقا عندما تدرسين الدكتوراه بالخارج.

استمري باستكمال دراسة الماجستير بالداخل، وثابري وتعلمي ذاتيا فهو الأداء الأكثر فاعلية في الوصول لمعرفة متميزة ومتمكنة في العمل التخصصي الذي تدرسيه، لأن ظروفك الحالية أعتقد أنها أفضل بكثير في طلب العلم والبحث والتقصي منها لو كنت بالخارج في ظل ظروف البعد عن الديار والأسرة، فضلا عن الظروف الدينية والاجتماعية والسياسة والاقتصادية التي لا نتحكم فيها وقد تؤثر سلبا على مسيرتك العلمية.

أتمنى لك التوفيق، فقط اشعري بتلك المزايا التي لديك. . وشعورك بهذه الأمور المحبطة هو نتيجة حرصك على أن تكوني الأولى كما كنت بالمرحلة الدراسية السابقة، وتخيلك لأفضل الظروف للدراسة بالخارج ومقارنتك بينها وبين ظروف الحالية. .

لذلك قرري من الآن أن جامعتك متميزة، وستتخرجين بتميز وبتفوق بإذن الله، واصنعي لنفسك بيئة دراسية جاذبة، ولا تنتظري الآخرين ليقوموا بذلك.

لك مني الدعاء بالتوفيق والنجاح لك ولشبابنا وبناتنا، حفظكم الله، وسهل دروبكم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم.
 

الكاتب: د. سعد بن مبارك الشهراني

المصدر: موقع المستشار